الم بلا دموع عضو متحرك
عدد الرسائل : 39 تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: من أسباب محبه الله للعبد 22nd مايو 2007, 1:55 am | |
|
من أسباب محبة الله للعبد
للشيخ عبيد بن عبدالله الجابري حفظه الله تعالى السبب الأول: المحافظة على الفرائض والإستكثار من النوافل، وإن قال قائل ما حد الفرائض؟ وما حد النوافل؟ فالفرائض ما افترضه الله على العباد وأوجبه عليهم وسواءاً كان ذلكم الفرض هو من حقوق الله على العبد أو من حقوق العباد فيما بينهم، والنوافل هي المندوبات وهي التطوعات وهي السنن والمستحبات وهي كل ما أمر الله به أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير إجاب، وفي هذا أيها المسلمون والمسلمات ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يقول الله تعالى: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما أفترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها لئن سألني لأعطينه ولئن أستعاذني لأعيذنه»، إخواني وأبنائي لنتأمل هذا الحديث أيها المسلمون والمسلمات حتى ننظر ما تضمنه من الفوائد والأحكام: أولاً: الحظ والتهييج على حفظ ما افترض الله مع الإستكثار من نوافله. ثانياً: في الحديث دليل صريح على أن ذلكم العبد الذي حافظ على فرائض الله فأدّاها كما أمره بذلكم ربه واستكثر مع ذلكم من التطوعات والمندوبات التي هي نوافل ينال محبة الله سبحانه وتعالى، والنوافل في العبادات كثيرة فكثير من العبادات المفروضات لها نوافل فمن نوافل الصلوات السنن الراتبة وهي ركعتان قبل صلاة الصبح وركعتان أو أربعاً قبل الظهر وركعتان أو أربعاً بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء ثنتى عشرة ركعةً تقريباً، والنوافل المطلقة ومنها ركعتا الضحى وأربع ركعات قبل العصر وبين كل أذانين يعني الأذان والإقامة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، في الثالثة أو الرابعة قال لمن شاء»، وما تيسر من قيام الليل ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى له الله بيتاً في الجنة»، وصح من حديث أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار أو قال حرم عليه النار». هذه بعض مفردات ما جاء في فضل النافلة واعلموا أيها المسلمون أنه ثمة نوافل أخرى فالصيام له نوافل فمن نوافل الصيام صيام الإثنثن والخميس وصيام ست من شوال إتباعاً لصيام رمضان وصيام تسع من ذي الحجة وصيام عاشوراء والإستكثار من صيام شهر شعبان والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:261]، والمقصود أيها المسلمون والمسلمات أن الإستكثار من النوافل مع المحافظة على الفرائض ينال العبد به أجراً عظيماً، وفوق جميع الثواب نيله محبة الله سبحانه وتعالى ومن أحبه الله فلا يسأل عن حسن حاله ومآله. ثالثاً: في الحديث دليل وإن شئت فقل في الحديث بشرى عاجلة لكل عبد، رجل كان أو إمرأة صنع هذا الصنيع وعمل هذا العمل وذلكم بثمرة المحبة عليه وهذه الثمرة تتضمن شيئين: الأول: حفظ الله لذلكم العبد في سمعه وبصره ويديه ورجليه يحفظه الله في كل حال وهذا صريح في قوله «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها» والمقصود أن الله مع ذلكم العبد يا مسلمون ويا مسلمات يسدده ويعينه ويكلأه ويحفظه فهو نظير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف:201]، فمن فضل الله على ذلكم العبد الذي حافظ على فرائض الله واستكثر مع ذلكم من النوافل والتطوعات والمندوبات والسنن والمستحبات أن الله سبحانه وتعالى لا يتركه فريسة للشيطان يكون معه، وفي ذلكم قوله صلى الله عليه وسلم لأبن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك ... الحديث ». الشيء الثاني: من ثمرة محبة الله لذلكم العبد صاحب الفرائض والنوافل أن الله سبحانه وتعالى يعطيه سؤاله ويعيذه مما استعاذه، يعطيه سؤاله يجيبه إذا دعاه وهذا المطلق جاء مقيداً في صحيح السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «ما من عبد يدعو الله بما ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم إلا كان له من الله إحدى ثلاث: أن يعجل له ما دعا، أو يصرف عنه من السوء مثله، أو يدخر له ذلك في الآخرة»، والله عوذ له ومجير له فهو مع ذلكم العبد في رخاءه وشدته وعسره ويسره لا يتخلى الله سبحانه وتعالى عن ذلكم العبد، فالجزاء يا مسلمون ويا مسلمات من جنس العمل، فمن كان مع الله سبحانه وتعالى مستقيماً على فعل أوامره ومستقيماً على ترك نواهيه مخلصاً في ذلكم لله متابعاً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله معه.
السبب الثاني: الإستقامة على العهد لمن أعطي العهد وفي ذلكم يقول الحق جل ثناءه: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:7]، المعنى الإجمالي بإختصار للآية ما استقام لكم الكفار على ما بينكم وبينهم من العهد فبادلوهم أنتم الوفاء بالعهد، إستقيموا لهم كذلك إن الله يحب المتقين فالآية أيها المسلمون والمسلمات تتضمن مأموراً به وعلة ذلك المأمور. فالمأمور به استقامة المسلمين على ما أعطوه للكفار من العهد وأن يوفوا به ما دام الكفار مستقيمين لهم على عهدهم. الشيء الثاني: علة المأمور به ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:7]، فهذه الجملة تفيد: أولاً: أن الوفاء بالعهد لذي العهد محبوب لله سبحانه وتعالى وأنه من التقوى، من تقوى الله سبحانه وتعالى التي يحبها ويحب أهلها فبان بهذا أن الوفاء بالعهد من صفات المتقين التي يحبها الله ويحب أهلها وإن شئت فقل من وفى لذي العهد بعهده نال محبة الله سبحانه وتعالى وهذا هو صريح الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ فوجب على هذا أن يوفي المسلمون لذي العهود بعهودهم سواءاً في ذلكم ما كان العهد عقده بين الإمام (ولي الأمر) وبين دول، أو كان بين فرد من أفراد المسلمين مع أفراد من أفراد الكفار، قال صلى الله عليه وسلم «المسلمون تتكافئ دمائهم ويسعى في بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم» واعلموا أيها المسلمون أن نصوص الشارع الصحيحة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مستفيضة أو متواترة قد جاءت بالتشديد والتأكيد على الوفاء بالعهد وتحريم نقضه وأن نقضه من مساخط الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسير كذا وكذا» وأجمع أهل العلم والإيمان على أنه يجب الوفاء لذي العهد بعهده وإن كانت دولة ذلكم المعاهد حربية للمسلمين وأنه يوفي لذلكم المعاهد حتى يبلغ مأمنه وبهذا تعلمون أنما يحدثه ما يحدثه بعض المسلمين من التصرفات الهوجاء والحوادث العوجاء ليست في بلاد الكفار أو من الإعتداءات على الكفار في بلاد الإسلام ليست هي مما يحبه الله ورسوله ولا ما يحبه المؤمنون ليست هي من أهل السنة في شيء لئن فعلها بعض المسلمين فلا يجوز أن تنسب إلى أهل الإسلام الذين هم على السنة فأولئكم إمّا جهال لا يعلمون من أمر السنة شيئاً أو أصحاب هوى تربوا في أحضان المبتدعة وأهل الأهواء وأولئكم قد حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماهم دعاة إلى جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها فمما صح في ذلكم ما أخرجه الشيخان عن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وأسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله: كنا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت يا رسول الله: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: فما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هدي ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر، قلت يا رسول الله: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت: فصفهم لنا يا رسول الله؟ قال: هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ..الحديث»، واقتصرت منه على محل الشاهد ولعل الله سبحانه وتعالى ييسر مع هذه الوجوه المباركة التي أسأل الله أن يجمعني وإياهم في دار كرامته كما جمعني وإياهم على طاعته في لقاء أخر يفصل القول خلاله تفصيلاً في هذا الحديث إن شاء الله تعالى، والمقصود أيها المسلمون والمسلمات أن من التقوى التي يحبها الله سبحانه وتعالى ومن أعمال المحبوبين الذي يحبهم الله عز وجل وهم المتقون الوفاء بالعهد والإستقامة عليه سواءاً كان العهد ميثاقاً عقده ولي أمر المسلمين مع دول أو أفراد، أو كان المعاهدون أفراداً من المسلمين عاهدوا أفراداً من الكفار.
السبب الثالث: التوبة، والتوبة: من التوب وهو الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى فالله أيها المسلمون توّاب والعبد كذلك يسمى توّاباً، فالله توّاب لإن توبته على عبده هي إذن وتوفيق وقبول واعتداد والعبد يسمى تواباً لإنه يرجع إلى الله سبحانه وتعالى بلسانه وقلبه وهذا الرجوع الذي رجع به العبد إلى الله سبحانه وتعالى بلسان حاله وبلسان مقاله بقلبه وبلسانه ينبني: أولاً: على استشعار الندم على ما فرط في جنب الله والعزم على العودة من ذلكم الذنب وأمور أخرى يأتي التفصيل فيها لاحقاً إن شاء الله عز وجل، والشاهد والدليل على أن التوبة من أسباب نيل العباد محبة الله عز وجل قوله جل ثناءه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة:222]، أثبت الله سبحانه وتعالى نصاً صريحاً في كتابه محبته لصنفين من عباده في هذه الآية واحد ذينكم الصنفين يا أيها المسلمون والمسلمات هو التواب كثير التوبة لا يذنب ذنباً إلا تاب إلى الله عز وجل وقد يتوب إلى الله ولم يعلم أنه ركب ذنباً تأسياً بنبينا صلى الله عليه وسلم الذي صح عنه «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم اكثر من سبعين مرة» وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يتوب إلى الله ويستغفره في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة وهو عليه الصلاة والسلام سيد المتقين، سيد المرسلين، إمام الخلق أجمعين، سيد ولد أدم أجمعين، أعلَمَه ربُه أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولكن يفعل ذلك: يتبع
| |
|